الشيخ توفيق بيك المجالي
الشيخ توفيق بيك المجالي
في رحم الكرك ولد توفيق بك ابن الشيخ عيسى بن يونس المجالي حوالي 1880م، وفي الثلاثين من عمره تقريبا نال عضوية مجلس المبعوثان العثماني ، ليكون النائب الأردني الوحيد في مجلس النواب( المبعوثان) العثماني،ممثلا للواء الكرك الممتد من نهرالزرقاء شمالا إلى مدائن صالح جنوبا،والذي يشمل قضاء الكرك،وقضاء الطفيلة،وقضاء السلط،وقضاء معان الذي يضم ناحيتي تبوك ومدائن صالح جنوبا.
فلما عرضت المبعوثية عام 1908 على شيخ المشايخ قدر المجالي آثر أن يقدم لها ابن عمه الشاب المتعلم خريج مكتب عنبر بدمشق،الذي يجيد اللغة التركية، والمتمرس في ميادين الحياة العامة منذ بواكير شبابه فقد كان عضوا في محكمة الكرك النظامية عام 1902،انتقل الفتى الكركي إلى الاستانه (استانبول) عضوا في مجلس النواب الثاني (1908 -1912) متطلعا لتمثيل موطنه وأهله،وحمل همومهم وأوجاعهم إلى الباب العالي،حيث تصنع المصائر وتتخذ القرارات.
وصل النائب المؤابي عاصمة السلطنة،في لحظة قلقة مثقلة بالتحولات، فقد شهدت فترة مكثه في الاستانه عزل السلطان عبدالحميد 1909،ووثوب الاتحاديين للحكم،بما عرف عنهم من تعصب وسعي لفرض سياسة التتريك،كما شهدت بدايات التململ القومي العربي،وظهور الجمعيات والأحزاب العربية المطالبة بحقوق العرب،هذا على الصعيد العام للدولة،أما على صعيد دائرته الانتخابية؛فقد دخلت الكرك أتون الثورة،وأشعلت نيران المقاومة والتحدي في وجه الاتحاديين،وفرقة سامي باشا الفاروقي؛فكانت( الهيّة) الثورة 1910.
حاول المبعوث توفيق المجالي التوصل لحلول للمشكلات التي تسببت بقيام الثورة،والمتعلقة بإحصاء النفوس وحصر وتسجيل الأملاك والأراضي،لكنه وجد تعنتا وعدم تفهم من رجالات الباب العالي،بالرغم من تحذيراته من مغبة الاصرار على اتباع السياسات المثيرة لاستياء الأهالي.لم تنقطع صلاته أبدا بموطنه؛فقد دأب على متابعة تطورات الأحداث الجارية في الكرك،وهذا جعل الاتحاديين يتهمونه بالمشاركة في تدبير الأحداث مستندين إلى الرسالة التي أرسلها من مقره في الاستانه الى ابن عمه الشيخ قدر المجالي ولأهالي الكرك يخبرهم فيها عزم الحكومة على المضي في عملية إحصاء النفوس وأنه يترك الأمر لهم ليتصرفوا بالطريقة التي يرونها مناسبة.
نجح نائب الكرك بحكمته وبعد نظره في جعل قضية الكرك قضية عربية عامة تحظى باهتمام النواب العرب،واستطاع حشد الكتلة العربية في مجلس المبعوثان لمناصرة الكرك،والمطالبة بمحاسبة الحكومة على سوء تصرفاتها قبل وأثناء وبعد أحداث الكرك؛ففي جلسة المجلس يوم 20/آذار/1911 تحدث المبعوث رضا الصلح (لبنان) حول ثورة الكرك وانتقد الادارة المحلية،ونظام الضرائب،أما مبعوث حماه خالد البزاري فقد هاجم والي سوريا السابق الذي حدثت الثورة في عهده. وحرص النائب توفيق المجالي المثقل بهموم موطنه وأوجاع أهله على إعداد التقارير حول قضية الكرك في سياقها العربي العام كنموذج لمواجع الولايات العربية كلها،ولنستمع له يقول:"ذهبت بعد انفضاض المجلس الذي صارت هذه الحوادث الجائرة في أثناء انعقاده الى دائرة انتخابي لتخفيف وطأتها وأثرها، ومعلوم أنني لم أكن لأسكت هناك،بل عزمت على السعي لتسليم مسببي تلك الواقعة الى عدل القضاء ولهذا السبب هيأت تقريرا دعمته بتحقيقاتي ومشاهداتي وأردت عرضه على المجلس للسؤال عن تلك الحوادث من الناظر المسؤول عنها". ويوضح أن ظروف حرب ايطاليا على ليبيا هي التي منعته من توجيه السؤال لناظر الداخلية في المجلس. مؤكدا أن تحقيقاته أثبتت بأن مسؤولية الأحداث تقع على عاتق والي سوريا آنذاك ومتصرف الكرك والمدعي العمومي،ويخبرنا بأنه قدم تقريره هذا للباب العالي،وبناء عليه صدر قرار بعزل متصرف الكرك،وقد سبق عزل والي سوريا أيضا قبل تقديم التقرير.كما أضطر الباب العالي إلى إرسال لجنة للتحقيق، وواصل توفيق بك جهوده المدافعة عن أهله وبلاده ،فقام مع وفد نيابي عربي يتألف من شكري العسلي (دمشق)وشفيق المؤيد العظم (دمشق) بمقابلة وزير الداخلية مقدمين له تقريرا عن أحوال ولاية سوريا في أعقاب الأحداث في حوران والكرك.
وما بعد الثورة دخلت الكرك عهد الانتقام من الزعامات والشيوخ والأهالي؛ فشملت عمليات القتل والتشريد جميع أنحاء الكرك وعلى الأخص في بلدة العراق، التي استشهد فيها العشرات من أبناء عشيرة المواجده معظمهم قضى ذبحا في الأسر داخل القرية،وطالت المحاكمات والإعدامات عددا من شيوخ الكرك ورجالاتها منهم الشهداء الشيوخ عبدا لقادر بن صالح المجالي،وإبراهيم بن خليل المجالي،وموسى بن صالح المجالي، وذياب بن حمود المجالي، وصحن بن فارس المجالي،وعاتق بن طاعه الطراونه،وافجيج بن طاعه الطراونه،ومسلم المواجده، ومنصور بن طريف، ومنصور بن ابراهيم الذنيبات، وساهر المعايطه،وخليل الذنيبات،وسليمان بن اسماعيل البطوش،وعبدا لغني بن فلاح البطوش،وذياب الجلامده ،ومحمد البحيري، ودرويش الجعافره،وعلي اللوانسه،وعدد كبير من شيوخ عشائر الكرك ورجالاتها،وأخيرا وبالرغم من العفو الصادر 1912تمكن الاتحاديون من اغتيال قائد الثورة وزعيمها شيخ المشايخ الشهيد قدر المجالي بالسم في دمشق 1917،بعد أن كان رفض التعاون مع قوات جمال باشا لمواجهة قوات الجيش العربي الشمالي بقيادة الأمير فيصل والعشائر المناصرة له .
وأضطر النائب المعارض توفيق المجالي إلى مغادرة استانبول،بسب مؤامرات الاتحاديين وسعيهم لملاحقته وتقديمه للمحاكمة،وها هو يقول: "فحاولوا أن يقفوا في طريق انتخابي،واتحد الاتحاديون في مطامعهم .. لاصدار الأمر من الديوان العرفي بالقبض علي وإرسالي تحت الحفظ إلى دمشق وعلى ذلك أرسلت مخفورا إلى بيروت" ... ويمضي في شرح ما حدث له من مطاردة وتشريد "إن من الأمور الطبيعية والمعقولة انني لا أسلم حياتي لمخالب المتظاهرين بحب الانتقام مني، وبالرغم من براءتي مما نسب الي اضطررت للذهاب إلى مصر صيانة لشرفي وكرامتي ليس إلا).
وأثناء الإبحار به من الاستانه إلى بيروت لتسليمه للمحاكمة،تمكن من اللجوء الى سفينة انجليزية نقلته إلى الأسكندرية حيث أقام في القاهرة لاجئا سياسيا حتى صدور العفو العام 1912وسط ترحاب حار من أحرار العرب ومثقفيهم وخاصة من السوريين.وهناك اتصل بالأحزاب العربية،وأيد برنامج حزب اللامركزية الادارية العثماني برئاسة رفيق بك العظم،وبهذا يمكننا القول بأنه أول لأجيء سياسي أردني.
وكتب المجالي مقالا افتتاحيا في جريدة (المقتبس الدمشقية/أيلول 1911) بعنوان "اصلاح الكرك"عرض فيه ما آلت إليه أحوال الكرك بعد (الهية)،مبينا مطالب اللواء واحتياجاته؛ومنها افتتاح مدارس في الطفيلة والسلط والكرك ومعان ، ومكاتب إرشاد زراعي، واستكمال طريق الكرك –القطرانه،وإنشاء طريق الكرك – البحر الميت (بحيرة لوط)،وإنشاء طريق السلط –الشريعة(الأغوار)،وإنشاء طريق الطفيلة – جرف الدراويش.وإعادة إعمار بيوت الكرك المهدمة،وإيصال مياه عين سارة إلى قصبة الكرك واستكمال بناء الجامع العمري.
وفي كتاب مفتوح كان قد أرسله للصدر الأعظم ونشر في جريدة المؤيد القاهرية( آذار 1912)عرض حقيقة أوضاع الكرك،وما تعانيه من إهمال ومن مشكلات،مذكرا بأن الكرك عندما قبلت سنة 1894 الانضواء تحت السلطة العثمانية "عن رغبة لا عن رهبة"كان ذلك بناء على وعود "بنشر لواء العدل وإقامة معالم العمران"وتحويل الكرك إلى جنة،لكن الواقع يخالف ذلك.
وتفيد المعلومات بإعادة انتخابه مبعوثا للكرك 1914،وهذا ما يشير إليه عوده القسوس في مذكراته. وفي عهد الحكومة العربية في دمشق 1918-1920 عين توفيق المجالي معاونا لمتصرف لواء الكرك عبدالله الدليمي. وبعد حياة حافلة بالعطاء والكفاح والعمل السياسي والوطني والقومي قدم خلالها إضافة نوعية لتاريخ الأردن المعاصر توفي توفيق المجالي في شباط1920ولم يترك من الأبناء سوى ابنة واحدة هي حرم المرحوم دليوان باشا المجالي.
ولعله من المفيد أن أقدم مقترحا بإقامة احتفالية وفاء لنائب الكرك توفيق المجالي،وتسميته عميدا لبرلمانيي الأردن، تقديرا لجهاده البرلماني والسياسي خدمة لوطنه وأهله،وهذا يتزامن مع مئوية ثورة الكرك التي كان أحد رموزها؛ فمن غير المعقول أن يمضي هذا العام الثقافي الكركي دون استذكار كبار الكرك ورجالاتها وتعريف الأجيال الأردنية بسيرتهم العطرة وبتضحياتهم التي صنعت فصولا لا أروع ولا أجمل في تاريخنا الوطني
والعربي المعاصر،وخلدت طيب أفعالها عبر قرن من زمن الكرك المشتعل وعيا ونضالا
بقلم الدكتور : بسام البطوش
فلما عرضت المبعوثية عام 1908 على شيخ المشايخ قدر المجالي آثر أن يقدم لها ابن عمه الشاب المتعلم خريج مكتب عنبر بدمشق،الذي يجيد اللغة التركية، والمتمرس في ميادين الحياة العامة منذ بواكير شبابه فقد كان عضوا في محكمة الكرك النظامية عام 1902،انتقل الفتى الكركي إلى الاستانه (استانبول) عضوا في مجلس النواب الثاني (1908 -1912) متطلعا لتمثيل موطنه وأهله،وحمل همومهم وأوجاعهم إلى الباب العالي،حيث تصنع المصائر وتتخذ القرارات.
وصل النائب المؤابي عاصمة السلطنة،في لحظة قلقة مثقلة بالتحولات، فقد شهدت فترة مكثه في الاستانه عزل السلطان عبدالحميد 1909،ووثوب الاتحاديين للحكم،بما عرف عنهم من تعصب وسعي لفرض سياسة التتريك،كما شهدت بدايات التململ القومي العربي،وظهور الجمعيات والأحزاب العربية المطالبة بحقوق العرب،هذا على الصعيد العام للدولة،أما على صعيد دائرته الانتخابية؛فقد دخلت الكرك أتون الثورة،وأشعلت نيران المقاومة والتحدي في وجه الاتحاديين،وفرقة سامي باشا الفاروقي؛فكانت( الهيّة) الثورة 1910.
حاول المبعوث توفيق المجالي التوصل لحلول للمشكلات التي تسببت بقيام الثورة،والمتعلقة بإحصاء النفوس وحصر وتسجيل الأملاك والأراضي،لكنه وجد تعنتا وعدم تفهم من رجالات الباب العالي،بالرغم من تحذيراته من مغبة الاصرار على اتباع السياسات المثيرة لاستياء الأهالي.لم تنقطع صلاته أبدا بموطنه؛فقد دأب على متابعة تطورات الأحداث الجارية في الكرك،وهذا جعل الاتحاديين يتهمونه بالمشاركة في تدبير الأحداث مستندين إلى الرسالة التي أرسلها من مقره في الاستانه الى ابن عمه الشيخ قدر المجالي ولأهالي الكرك يخبرهم فيها عزم الحكومة على المضي في عملية إحصاء النفوس وأنه يترك الأمر لهم ليتصرفوا بالطريقة التي يرونها مناسبة.
نجح نائب الكرك بحكمته وبعد نظره في جعل قضية الكرك قضية عربية عامة تحظى باهتمام النواب العرب،واستطاع حشد الكتلة العربية في مجلس المبعوثان لمناصرة الكرك،والمطالبة بمحاسبة الحكومة على سوء تصرفاتها قبل وأثناء وبعد أحداث الكرك؛ففي جلسة المجلس يوم 20/آذار/1911 تحدث المبعوث رضا الصلح (لبنان) حول ثورة الكرك وانتقد الادارة المحلية،ونظام الضرائب،أما مبعوث حماه خالد البزاري فقد هاجم والي سوريا السابق الذي حدثت الثورة في عهده. وحرص النائب توفيق المجالي المثقل بهموم موطنه وأوجاع أهله على إعداد التقارير حول قضية الكرك في سياقها العربي العام كنموذج لمواجع الولايات العربية كلها،ولنستمع له يقول:"ذهبت بعد انفضاض المجلس الذي صارت هذه الحوادث الجائرة في أثناء انعقاده الى دائرة انتخابي لتخفيف وطأتها وأثرها، ومعلوم أنني لم أكن لأسكت هناك،بل عزمت على السعي لتسليم مسببي تلك الواقعة الى عدل القضاء ولهذا السبب هيأت تقريرا دعمته بتحقيقاتي ومشاهداتي وأردت عرضه على المجلس للسؤال عن تلك الحوادث من الناظر المسؤول عنها". ويوضح أن ظروف حرب ايطاليا على ليبيا هي التي منعته من توجيه السؤال لناظر الداخلية في المجلس. مؤكدا أن تحقيقاته أثبتت بأن مسؤولية الأحداث تقع على عاتق والي سوريا آنذاك ومتصرف الكرك والمدعي العمومي،ويخبرنا بأنه قدم تقريره هذا للباب العالي،وبناء عليه صدر قرار بعزل متصرف الكرك،وقد سبق عزل والي سوريا أيضا قبل تقديم التقرير.كما أضطر الباب العالي إلى إرسال لجنة للتحقيق، وواصل توفيق بك جهوده المدافعة عن أهله وبلاده ،فقام مع وفد نيابي عربي يتألف من شكري العسلي (دمشق)وشفيق المؤيد العظم (دمشق) بمقابلة وزير الداخلية مقدمين له تقريرا عن أحوال ولاية سوريا في أعقاب الأحداث في حوران والكرك.
وما بعد الثورة دخلت الكرك عهد الانتقام من الزعامات والشيوخ والأهالي؛ فشملت عمليات القتل والتشريد جميع أنحاء الكرك وعلى الأخص في بلدة العراق، التي استشهد فيها العشرات من أبناء عشيرة المواجده معظمهم قضى ذبحا في الأسر داخل القرية،وطالت المحاكمات والإعدامات عددا من شيوخ الكرك ورجالاتها منهم الشهداء الشيوخ عبدا لقادر بن صالح المجالي،وإبراهيم بن خليل المجالي،وموسى بن صالح المجالي، وذياب بن حمود المجالي، وصحن بن فارس المجالي،وعاتق بن طاعه الطراونه،وافجيج بن طاعه الطراونه،ومسلم المواجده، ومنصور بن طريف، ومنصور بن ابراهيم الذنيبات، وساهر المعايطه،وخليل الذنيبات،وسليمان بن اسماعيل البطوش،وعبدا لغني بن فلاح البطوش،وذياب الجلامده ،ومحمد البحيري، ودرويش الجعافره،وعلي اللوانسه،وعدد كبير من شيوخ عشائر الكرك ورجالاتها،وأخيرا وبالرغم من العفو الصادر 1912تمكن الاتحاديون من اغتيال قائد الثورة وزعيمها شيخ المشايخ الشهيد قدر المجالي بالسم في دمشق 1917،بعد أن كان رفض التعاون مع قوات جمال باشا لمواجهة قوات الجيش العربي الشمالي بقيادة الأمير فيصل والعشائر المناصرة له .
وأضطر النائب المعارض توفيق المجالي إلى مغادرة استانبول،بسب مؤامرات الاتحاديين وسعيهم لملاحقته وتقديمه للمحاكمة،وها هو يقول: "فحاولوا أن يقفوا في طريق انتخابي،واتحد الاتحاديون في مطامعهم .. لاصدار الأمر من الديوان العرفي بالقبض علي وإرسالي تحت الحفظ إلى دمشق وعلى ذلك أرسلت مخفورا إلى بيروت" ... ويمضي في شرح ما حدث له من مطاردة وتشريد "إن من الأمور الطبيعية والمعقولة انني لا أسلم حياتي لمخالب المتظاهرين بحب الانتقام مني، وبالرغم من براءتي مما نسب الي اضطررت للذهاب إلى مصر صيانة لشرفي وكرامتي ليس إلا).
وأثناء الإبحار به من الاستانه إلى بيروت لتسليمه للمحاكمة،تمكن من اللجوء الى سفينة انجليزية نقلته إلى الأسكندرية حيث أقام في القاهرة لاجئا سياسيا حتى صدور العفو العام 1912وسط ترحاب حار من أحرار العرب ومثقفيهم وخاصة من السوريين.وهناك اتصل بالأحزاب العربية،وأيد برنامج حزب اللامركزية الادارية العثماني برئاسة رفيق بك العظم،وبهذا يمكننا القول بأنه أول لأجيء سياسي أردني.
وكتب المجالي مقالا افتتاحيا في جريدة (المقتبس الدمشقية/أيلول 1911) بعنوان "اصلاح الكرك"عرض فيه ما آلت إليه أحوال الكرك بعد (الهية)،مبينا مطالب اللواء واحتياجاته؛ومنها افتتاح مدارس في الطفيلة والسلط والكرك ومعان ، ومكاتب إرشاد زراعي، واستكمال طريق الكرك –القطرانه،وإنشاء طريق الكرك – البحر الميت (بحيرة لوط)،وإنشاء طريق السلط –الشريعة(الأغوار)،وإنشاء طريق الطفيلة – جرف الدراويش.وإعادة إعمار بيوت الكرك المهدمة،وإيصال مياه عين سارة إلى قصبة الكرك واستكمال بناء الجامع العمري.
وفي كتاب مفتوح كان قد أرسله للصدر الأعظم ونشر في جريدة المؤيد القاهرية( آذار 1912)عرض حقيقة أوضاع الكرك،وما تعانيه من إهمال ومن مشكلات،مذكرا بأن الكرك عندما قبلت سنة 1894 الانضواء تحت السلطة العثمانية "عن رغبة لا عن رهبة"كان ذلك بناء على وعود "بنشر لواء العدل وإقامة معالم العمران"وتحويل الكرك إلى جنة،لكن الواقع يخالف ذلك.
وتفيد المعلومات بإعادة انتخابه مبعوثا للكرك 1914،وهذا ما يشير إليه عوده القسوس في مذكراته. وفي عهد الحكومة العربية في دمشق 1918-1920 عين توفيق المجالي معاونا لمتصرف لواء الكرك عبدالله الدليمي. وبعد حياة حافلة بالعطاء والكفاح والعمل السياسي والوطني والقومي قدم خلالها إضافة نوعية لتاريخ الأردن المعاصر توفي توفيق المجالي في شباط1920ولم يترك من الأبناء سوى ابنة واحدة هي حرم المرحوم دليوان باشا المجالي.
ولعله من المفيد أن أقدم مقترحا بإقامة احتفالية وفاء لنائب الكرك توفيق المجالي،وتسميته عميدا لبرلمانيي الأردن، تقديرا لجهاده البرلماني والسياسي خدمة لوطنه وأهله،وهذا يتزامن مع مئوية ثورة الكرك التي كان أحد رموزها؛ فمن غير المعقول أن يمضي هذا العام الثقافي الكركي دون استذكار كبار الكرك ورجالاتها وتعريف الأجيال الأردنية بسيرتهم العطرة وبتضحياتهم التي صنعت فصولا لا أروع ولا أجمل في تاريخنا الوطني
والعربي المعاصر،وخلدت طيب أفعالها عبر قرن من زمن الكرك المشتعل وعيا ونضالا
بقلم الدكتور : بسام البطوش