الشيخ قدر المجالي
الشيخ قدر المجالي، المستحوذ على إعجاب أولي الافهام التاريخي، هو أحد مشاهير القرن العشرين بسنواته الأولى، الحقبة الأخصب بثوراتها وتبدلاتها، وبمحنها وصعوباتها، فخاض غمارها وكتفاه مثقلان بأعباء السنين، وجفناه مغبران من نقع القهر، وجناحاه متعبان من وطأة الغربة والنفي والإبعاد والتخفي عن الأرض التي أحبها، والكرك التي ثار من أجلها ومن أجل حرية ناسها وقدسية ترابها، تأبط سيفه ونفسه تجتر ويلات الذبح والإعدام بحق بني قومه وفرسان عشيرته خلال الثورة وبعدها، عاش المحنة بكل تفاصيلها. لكنها لم تثنه عن متابعة مشوار الجهاد والكفاح، حتى تربع على عرش الشهادة الذي لا يبنى إلا لأولئك الشهداء الذين قالوا: أشرف أنواع الموت أن يكون من أجل الله والوطن .
والحديث عن الشيخ قدر، هو الحديث عن الوطن بهمومه الوطنية والقومية، وبكل ما يعني هذا التعبير من معاني شرف الانتماء للامة. فكان شيخنا رمحاً لا ينكسر وسيفاً لا يغمد وشجاعاً لا ينام على مذلة، تراه الشمس مع أول إشراقة لها، يسبح لله العلي القدير ويرجو منه إبعاد الأذى عن بني قومه ووطنه، وعندما تكون الواقعة بحاجة إلى الشجاعة وحسن الاختيار، كان شيخنا على موعد مع الفعل، يصنع القرار ويأخذ من وحي إرادة الأهل والعشيرة والوطن، يتفاعل مع الحدث بروحية القائد الحكيم، ولا ينفعل به كحدث عابر الغرض منه الاستفزاز وآنية النتائج. وكان أعلى من كل السفاسف، وصدره أرحب من كل المروج، ترفّع عن النزق والصغائر، فكانت تلك الخصائل بعروقه، وشبت معه، فأصبحت بعضاً من مكونات شخصيته القوية والمتواضعة أيضاً.
كانت يداه تمسكان دائماً بالحلقة المركزية الأهم، فتعرف من خلال ذلك على الاتجاه الصحيح فقد كان بوصلة دقيقة تؤشر على المهمات والمخاطر، لم تعتريه عصبوية، ولم تتملكه رؤية ضيقة على حساب الموقف الوطني، شجاعاً واضحاً كحد السيف، يناضل بثبات دفاعاً عن الحقوق وشرعية الوجود، أعلن الثورة الكركية عام 1910م لأنها في رؤيته الرد الثوري والجهادي على تجاوز السلطات الانقلابية الجديدة بقيادة حزب الاتحاد والترقي العنصري.
لم يكن المجالي مناضلاً كركياً أردنياً فحسب، بل كان مناضلاً عربياً إسلامياً، تجاوز حدود الأردن وبلاد الشام عندما تبنى النواب العرب في البرلمان العثماني مطالبه وأغراضه من الثورة، حتى أن القنصل الفرنسي في دمشق وصف ثورة الكرك بالثورة القومية وليس من أجل الغطرسة والظهور والعتب على السلطان كما زعم الفاروقي قائد الحملة على الكرك، وصدق المؤرخ العربي محيي الدين السفرجلاني الذي قال: إن الحد الأدنى من محفزات الشيخ قدري المجالي يعتبر وعياً وليس انعكاساً شرطياً، ولو كان هذا الوعي مجرد انفعالات حسية، فكان جنونه الثوري حتمية تاريخية...
موقف الشيخ قدر من الثورة العربية الكبرى:
يقول المناضل اللبناني (أسعد داغر) أحد زعماء الجمعية العربية الفتاة:
أستطيع أن أجزم الآن بأنه لم يكن بين العرب يوم إعلان الحرب من فكّر بالانتفاض على الترك أو الإساءة إليهم، بل كان تفكيرهم كله منصباً على محاولة منعهم من الاشتراك فيها، والتعاون معهم على اجتناب ويلاتها ودرء أخطارها وقال الأمير سعيد الجزائري في مذكراته جهاد نصف قرن صفحة 54 ... ولا يجوز للشريف الحسين بن علي ابن رسول الله، إلا أن يكون على وفاق مع الخليفة العثماني
حاربت عشائر الكرك جيش الثورة العربية الكبرى بقرار من الشيخ قدر المجالي، ثم حاربت هذه القوات الشعبية الكركية الجيش التركي إلى جانب قوات الجيش العربي الشمالي (الجيش الفيصلي) في عدة معارك، وأبلى فيها المقاتل سعود المجالي (أبو هزاع)بلاء جيداً ومشهوداً، ولكن لماذا عاتب الملك فيصل يوم 8/آذار/1920 الشيخ رفيفان المجالي على تقصير العشائر الكركية وعدم مشاركتها بفاعلية بمعارك تحرير الجنوب الأردني، وتسهيل انسحاب القوات التركية من الكرك؟!.
ليس موضوعنا الحديث عن الثورة العربية الكبرى، بل الحديث عن موقف الشيخ قدر المجالي والزعامات الكركية من الثورة وقائدها الشريف الحسين بن علي، وبخاصة بعد الاتفاق الذي تم بين المجالي والجنرال محمد جمال باشا، والذي كان قبل إعلان الثورة بأشهر قليلة، وقد أشرنا إلى هذا الاتفاق في الحلقة الماضية.
بعد احتلال العقبة أصبح جيش الثورة على أبواب الكرك، وهذا النجاح العربي الذي تحقق، وبخاصة بعد معارك (أبو اللسن) أحدث أثره البالغ في نفوس الأهالي، ومنهم من سارع بالالتحاق بالجيش الشمالي الفيصلي ومنهم من قابلها بالشكوك وخدع بالدعاية الألمانية - التركية التي كانت تقول: بأن الأمير فيصل جاء ليمهد الطريق للأجانب الكفار أعداء العروبة والإسلام ولكن مناشير وبيانات الثورة العربية الكبرى خففت من حجم الدعاية الألمانية التركية، ولكن الشيخ قدر المجالي لم يغير موقفه بعد، ويبدو أن مناشير الثورة لم تصل بعد إلى الكرك، فاستغل الجنرال محمد جمال باشا ذلك، فجاء إلى الكرك من أجل تنفيذ الاتفاق الذي وقعه مع الشيخ قدر المجالي في الكرك، وحاول إقناع الشيخ قدر بأن جيش الثورة العربية الكبرى، ما هو إلا مجموعات عشائرية بدوية حجازية تدعمها قوات إنجليزية وفرنسية هدفها غزو المنطقة واحتلالها، وأن التصدي لهذه المجموعات مسؤولية كل ما هو عثماني وفي المقدمة عشائر الكرك، وما تحرك عشائر بن صخر والدولة إلا من باب النخوة لمساعدة ثوار الكرك، وستشارك عشائر البلقاء بالهجوم المشترك على المجموعات الحجازية .وأفهمه الشيخ قدر المجالي بأن خيالة الكرك سيدافعون عن الكرك من أي غزو خارجي، ولن تخرج هذه القوات خارج حدود لواء الكرك.
انتقل محمد جمال باشا إلى معان بعد تحرير (أبو اللسن) وطلب من متصرف الكرك حض الأهالي على القيام بالهجوم على القوات العربية، كما أبرق إلى الشيخ قدر المجالي يشحذ همته ويذكره بالاتفاق الذي عقده معه في الكرك في مطلع عام 1916م، ويخبره بأن القوات العسكرية من خيالة ومشاة ومدفعية وطائرات ستشترك في هذه الحملة وبين له أن معظم العشائر البدوية بقيادة الشيخ حمد بن جازي ستشارك بالهجوم على الغزاة ، وعن استجابة الشيخ قدر المجالي لبرقية قائد الفرقة الثامنة الجنرال محمد جمال باشا يقول الشيخ هايل ودعان المجالي: وقد أثرّ محمد جمال على الشيخ قدر الذي لم يعرف بعد نوايا وأهداف الثورة العربية الكبرى، كما أن متصرف لواء الكرك (تحسين بك) أثر على مشايخ الكرك عندما قال لهم: إن العشائر الحضرية والبدوية من مناطق معان والطفيلة والبلقاء تستعد للتجمع في معان ثم الزحف باتجاه (القويرة) للقضاء على الغزاة القادمين من الحجاز، وقال لهم أيضاً: يعز على السلطان أن يرى أهل الكرك في غير مواقع الدفاع عن بلدهم...وأشار (تحسين بك) إلى أن الشيخ حمد بن جازي يأمل أن يرى الشيخ قدر في معان على راس القوات الكركية... .
- التوجه إلى معان وكشف الخداع التركي:
قرر الشيخ قدر المجالي بعد التشاور مع مشايخ الكرك الاشتراك بالحملة، فاجتمع حوالي /500/ فارس في دار الحكومة وسارت هذه القوات بعد وداعها من قبل مشايخ الكرك إلى معان للالتحاق بالقوات العشائرية الأخرى وفي معان قدمت السلطات العسكرية التركية لهذه القوة بعض المؤن وعتاد البنادق، ووزعت عليهم مبلغاً من المال، ثم غادرت الحملة معان يوم 17/تموز/1917م، إلى موقع (وهيدة)، حيث التحق بها الشيخ حمد بن جازي ومعه مجموعات من فرسان الجازي(الفرع الثاني من قبيلة الحويطات)، كما التحق بها بضعة هجانة من بني صخر، وثلاثة ضباط من الأتراك لتنظيم الحركات الحربية، وتحركت القوات الشعبية والعشائرية من (الوهيدة) إلى (الغويلة) ومنها شنوا هجوماً على جماعة من البدو المناصرين للثورة قريباً من (القويرة)، وكانت هذه الجماعة البدوية مكونة من فرسان (التوايهة) جماعة الشيخ عودة أبو تايه، ودام التحام الفريقين مدة ثلاث ساعات، فقتل من (التوايهة) تسعة فرسان، وفرّ الباقون، واستولى فرسان العشائر على مواشيهم وهي تقارب ألف رأس من الغنم، كما استولوا على بعض الجمال وعلى عشرة من بيوت الشعر وما فيها من مؤن وأثاث.
لم يشترك الشيخ حمد بن جازي في هذا الهجوم لشكه بأن هؤلاء البدو ليسوا من المحاربين، بالإضافة إلى اكتشافه أن هؤلاء البدو هم من أقاربه التوايهة، وكان الخلاف لا يزال قائماً بين الجازي والتوايهة، واكتشف أيضاً اللعبة التركية التي صنعها الجنرال محمد جمال باشا، الذي دفع العشائر للاشتباك ببعضها، وإيقاع العداء من جديد بين القبائل العربية، كما أن فرسان الصخور توقفوا عن ملاحقة (التوايهة) بعد اكتشافهم الفتنة الخبيثة القائمة على المكيدة وسفك الدم العربي بأيد عربية ، وبعد فوات الأوان فطن فرسان الكرك لهذه المكيدة وبخاصة بعد أن عرفوا أن القوات التركية النظامية لم تشترك في الهجوم، كما تم الاتفاق، ولهذا قرروا العودة إلى معان ومنها إلى الكرك، حيث وضعوا الشيخ قدر المجالي وبقية مشايخ الكرك في صورة ما حدث، فأمر الشيخ قدر أن تبقى هذه القوات بكامل جاهزيتها و التحاقها بالجيش الشمالي (الجيش الفيصلي)، وعين بركات وسعود المجالي قادة لهذه القوات، والتحقت قوات الكرك بالجيش الفيصلي، وشاركت في معارك وتحرير محطة القطرانة، ومحطة الفريفرة، ووادي الحسا، وجرف الدراويش، وعنيزة، وغيرها من المعارك التي كانت بقيادة الشريف ناصر، وفي تلك الظروف وزمنها الصعب كانت الكرك بكافة عشائرها تعيش مأساة فقدان الشيخ قدر المجالي في دمشق.
- إعدام الشيخ قدر المجالي بالسم:
في أيلول /1917م، أرسل جمال باشا يدعو شيوخ شرقي الأردن للتوجه إلى دمشق لكي يحلوا ضيوفاً على الحكومة هناك، ويبدو أن الحكومة خشيت أن يقوم أهل البلاد في وجهها تعاوناً مع الثورة العربية الكبرى، ولا بد أن أنباء اتصالات الأمير فيصل مع بعض الشيوخ قد نمت إلى المسؤولين الأتراك، فأرادوا الاحتياط لذلك، وقد لبى الدعوة عدد كبير من الزعماء، وبعد أن قضوا مدة في دمشق فوجئوا باعتقال عدد منهم، كالشيخ قدر المجالي، والشيخ حتمل بن زبن، والشيخ تركي بن حيدر الزبن، والشيخ عبطان الفايز، والشيخ شهاب الفقير، وقد وجهت إلى المشايخ تهمة الاتصال بالأمير فيصل وقبول هدايا وأسلحة، ونقودً أرسلها إليهم.
يقول المؤرخ سليمان العيسى نقلاً عن مذكرات المرحوم عودة القسوس صفحة 55 مايلي: ولم تستطع الحكومة إثبات التهم، فلم تلبث أن أطلقت سراحهم، ولكن الشيخ قدر المجالي لم يلبث أن توفي، وقيل أن الأتراك دسوا له سماً في طعامه، وقيل في فنجان القهوة صباحاً.... وجاء في كتاب العمليات الحربية، القسم الثاني من الجزء الثاني صفحة 217 مايلي: وحتى مطلع تشرين الأول 1917م، كانت الأمور عادية جداً، بل لاقوا الاحترام والتقدير والضيافة من الوالي ومن حاكم سوريا جمال باشا شخصياً، وكان يتردد على مكان إقامتهم الأمير سعيد الجزائري وشخصيات أخرى شامية كانت مع الجزائري تسعى للصلح بين العرب والأتراك على قاعدة الاعتراف التركي بالاستقلال العربي، وكانت الخطة تقتضي إستمالة زعماء العشائر بأموال الألمان التي سينفقها الجنرال الألماني (فالكنهاين)، وقال جمال باشا: بأن سلامة الدولة تكمن في شراء وإسكات زعماء البلاد، والذي لا يقبل منهم (الرشوة) مصيره الموت ، وكان الشيخ قدر أول الضحايا، وأول من رفض الرشوة من زعماء ووجهاء بلاد الشام، فكيف تم قتله بالسم؟، المرافق الخاص للشيخ قدر المجالي والذي كان برفقته إلى دمشق وهو السيد (سليمان السعيد) يقول في شهادته المحفوظة في أوراق الشيخ هايل المجالي مايلي: وفي صباح ذات يوم، قدمت قهوة الصباح للشيخ قدر ولم تمض ساعات قلائل حتى أصيب بوعكة صحية أفقدته كامل قدرته على التحرك، مع آلام شديدة في بطنه، فنقل إلى المستشفى، ثم لم يلبث أن فارق الحياة، وقد أكد الدكتور الذي كان يشرف عليه أن أعراض السم كانت بادية على جسده، وهذه خطة جمال باشا لتصفية شيخ مشايخ الكرك، بعد جرأته وشجاعته مع الأتراك، وكان يقينهم أنه غير برئ من التهم وهي اتصالاته مع الأمير فيصل بن الحسين... .
أما الشهادة الأكثر وضوحاً وتفسيراً هي شهادة الشيخ تركي بن حيدر الزبن وهي المعروفة لدى كبار السن في الكرك، وكنت قد طلبت توضيحاً من الشيخ هايل المجالي حول شهادة الشيخ حيدر الزبن، فحصلت عليها خطياً..يقول الشيخ تركي:
بينما كنا في حضرة الحاكم التركي في الشام، وعدد من الشيوخ ومن ضمنهم الشيخ قدر المجالي شاهدت عسكرياً عربياً بباب قاعة الاجتماع يؤشر لي بوضع سبابة يده اليسرى على رقبته وتمريرها ويمد يده اليمنى كمن يقدم لي شراباً...وبعد قليل دخل شخص آخر يحمل القهوة العربية وفناجينها، وعندها فهمت إشارة ذلك العسكري العربي، وحاولت جهدي أن ألفت انتباه الشيخ قدر إلا أن شربه لفنجان القهوة سبق تمرير فحوى الإشارة، وعندما جاء دوري تظاهرت بشربها، حيث وضعت فنجان القهوة ما بين فتحة ثوبي وصدري بدلاً من شربها .
وبين الشيخ تركي في حديثه لمشايخ الكرك بعد عودته من دمشق ودفن الشيخ قدر في مقبرة الشيخ (رسلان) جنوب شرق دمشق معاناة الشيخ قدر لبضع ساعات بعد تناوله السم، فكان يصرخ بأعلى صوته، ويشد على بطنه، حتى أغمي عليه، وخرج من فمه السائل الأصفر، الممزوج بالقهوة، وعرف الطبيب الذي حاول إنقاذه أن السم انتشر في أحشائه، فلا أمل من إنقاذه .
وتساءل الشيخ تركي: لماذا كنت أنا والشيخ قدر هدف السفاح جمال؟؟، لم تكن تهمة الاتصالات مع الأمير فيصل هي السبب الأكبر والمهم، بل المهم والسبب الأكبر ثورة الشيخ قدر على الأتراك عام 1910م، وكنت أنا وعشيرتي من المؤيدين لها، ودعمناها بالسلاح، لذلك كنت شريكاً له في الموت لولا إرادة الله وهذا العسكري العربي أخيراً.... .
لم يكتف جمال السفاح بهذه الجريمة النكراء بحق الشيخ قدر، بل مارس أساليب الغدر بمشايخ ووجهاء لواء الكرك فأمر بإلقاء القبض على مجموعة منهم ونفاهم إلى بلاد القفقاس ولم يعودوا إلا بعد عام 1918م، ونذكر منهم: عودة القسوس، وخليل العكشة، وعبدالله العكشة، وعبدالرحمن ماضي، ومحمد عبدالجواد، وأحمد ماضي، ومطلق المفلح، وصالح البخيت وغيرهم.
وعندما علم الشاعر عبد الله العشكة بإعدام الشيخ قدر وهو في منفاه قال قصيدة من أربعين بيتاً يذكر فيها محاسن الشيخ قدر ورجولته وشجاعته ومؤهلاته القيادية من حكمة وسداد في الرأي والموقف.
- رحلة طويلة بمحطاتها الكثر قضيتها مع واحد من مشاهير شعبنا، ورمزً من رموز هذا الوطن الحبيب، وجمعت خلالها أكثر من /600/ صفحة بمساعدة أخوة كرام من أبناء الكرك ونحن في ختام رحلتنا يشرفني أن اشكر الذين تابعوا هذه الحلقات والحلقات التي قبلها، وكانت موضع تقديرهم، وتقدير الجهد الذي بذلته لتكون عبرة لمن يعتبر ومنهم دولة الأستاذ أحمد عبيدات، ودولة النائب عبدالرؤوف الروابدة، والدكتور أحمد التل، والدكتور محمد الزعبي، وشخصيات كثيرة من عشائر الكرك ومعان، والشوبك، وطلاب جامعة مؤتة، واليرموك والأردنية، وكل الشكر لأسرة جريدة اللواء صاحبة الهم الوطني والقومي والإنساني.
والحديث عن الشيخ قدر، هو الحديث عن الوطن بهمومه الوطنية والقومية، وبكل ما يعني هذا التعبير من معاني شرف الانتماء للامة. فكان شيخنا رمحاً لا ينكسر وسيفاً لا يغمد وشجاعاً لا ينام على مذلة، تراه الشمس مع أول إشراقة لها، يسبح لله العلي القدير ويرجو منه إبعاد الأذى عن بني قومه ووطنه، وعندما تكون الواقعة بحاجة إلى الشجاعة وحسن الاختيار، كان شيخنا على موعد مع الفعل، يصنع القرار ويأخذ من وحي إرادة الأهل والعشيرة والوطن، يتفاعل مع الحدث بروحية القائد الحكيم، ولا ينفعل به كحدث عابر الغرض منه الاستفزاز وآنية النتائج. وكان أعلى من كل السفاسف، وصدره أرحب من كل المروج، ترفّع عن النزق والصغائر، فكانت تلك الخصائل بعروقه، وشبت معه، فأصبحت بعضاً من مكونات شخصيته القوية والمتواضعة أيضاً.
كانت يداه تمسكان دائماً بالحلقة المركزية الأهم، فتعرف من خلال ذلك على الاتجاه الصحيح فقد كان بوصلة دقيقة تؤشر على المهمات والمخاطر، لم تعتريه عصبوية، ولم تتملكه رؤية ضيقة على حساب الموقف الوطني، شجاعاً واضحاً كحد السيف، يناضل بثبات دفاعاً عن الحقوق وشرعية الوجود، أعلن الثورة الكركية عام 1910م لأنها في رؤيته الرد الثوري والجهادي على تجاوز السلطات الانقلابية الجديدة بقيادة حزب الاتحاد والترقي العنصري.
لم يكن المجالي مناضلاً كركياً أردنياً فحسب، بل كان مناضلاً عربياً إسلامياً، تجاوز حدود الأردن وبلاد الشام عندما تبنى النواب العرب في البرلمان العثماني مطالبه وأغراضه من الثورة، حتى أن القنصل الفرنسي في دمشق وصف ثورة الكرك بالثورة القومية وليس من أجل الغطرسة والظهور والعتب على السلطان كما زعم الفاروقي قائد الحملة على الكرك، وصدق المؤرخ العربي محيي الدين السفرجلاني الذي قال: إن الحد الأدنى من محفزات الشيخ قدري المجالي يعتبر وعياً وليس انعكاساً شرطياً، ولو كان هذا الوعي مجرد انفعالات حسية، فكان جنونه الثوري حتمية تاريخية...
موقف الشيخ قدر من الثورة العربية الكبرى:
يقول المناضل اللبناني (أسعد داغر) أحد زعماء الجمعية العربية الفتاة:
أستطيع أن أجزم الآن بأنه لم يكن بين العرب يوم إعلان الحرب من فكّر بالانتفاض على الترك أو الإساءة إليهم، بل كان تفكيرهم كله منصباً على محاولة منعهم من الاشتراك فيها، والتعاون معهم على اجتناب ويلاتها ودرء أخطارها وقال الأمير سعيد الجزائري في مذكراته جهاد نصف قرن صفحة 54 ... ولا يجوز للشريف الحسين بن علي ابن رسول الله، إلا أن يكون على وفاق مع الخليفة العثماني
حاربت عشائر الكرك جيش الثورة العربية الكبرى بقرار من الشيخ قدر المجالي، ثم حاربت هذه القوات الشعبية الكركية الجيش التركي إلى جانب قوات الجيش العربي الشمالي (الجيش الفيصلي) في عدة معارك، وأبلى فيها المقاتل سعود المجالي (أبو هزاع)بلاء جيداً ومشهوداً، ولكن لماذا عاتب الملك فيصل يوم 8/آذار/1920 الشيخ رفيفان المجالي على تقصير العشائر الكركية وعدم مشاركتها بفاعلية بمعارك تحرير الجنوب الأردني، وتسهيل انسحاب القوات التركية من الكرك؟!.
ليس موضوعنا الحديث عن الثورة العربية الكبرى، بل الحديث عن موقف الشيخ قدر المجالي والزعامات الكركية من الثورة وقائدها الشريف الحسين بن علي، وبخاصة بعد الاتفاق الذي تم بين المجالي والجنرال محمد جمال باشا، والذي كان قبل إعلان الثورة بأشهر قليلة، وقد أشرنا إلى هذا الاتفاق في الحلقة الماضية.
بعد احتلال العقبة أصبح جيش الثورة على أبواب الكرك، وهذا النجاح العربي الذي تحقق، وبخاصة بعد معارك (أبو اللسن) أحدث أثره البالغ في نفوس الأهالي، ومنهم من سارع بالالتحاق بالجيش الشمالي الفيصلي ومنهم من قابلها بالشكوك وخدع بالدعاية الألمانية - التركية التي كانت تقول: بأن الأمير فيصل جاء ليمهد الطريق للأجانب الكفار أعداء العروبة والإسلام ولكن مناشير وبيانات الثورة العربية الكبرى خففت من حجم الدعاية الألمانية التركية، ولكن الشيخ قدر المجالي لم يغير موقفه بعد، ويبدو أن مناشير الثورة لم تصل بعد إلى الكرك، فاستغل الجنرال محمد جمال باشا ذلك، فجاء إلى الكرك من أجل تنفيذ الاتفاق الذي وقعه مع الشيخ قدر المجالي في الكرك، وحاول إقناع الشيخ قدر بأن جيش الثورة العربية الكبرى، ما هو إلا مجموعات عشائرية بدوية حجازية تدعمها قوات إنجليزية وفرنسية هدفها غزو المنطقة واحتلالها، وأن التصدي لهذه المجموعات مسؤولية كل ما هو عثماني وفي المقدمة عشائر الكرك، وما تحرك عشائر بن صخر والدولة إلا من باب النخوة لمساعدة ثوار الكرك، وستشارك عشائر البلقاء بالهجوم المشترك على المجموعات الحجازية .وأفهمه الشيخ قدر المجالي بأن خيالة الكرك سيدافعون عن الكرك من أي غزو خارجي، ولن تخرج هذه القوات خارج حدود لواء الكرك.
انتقل محمد جمال باشا إلى معان بعد تحرير (أبو اللسن) وطلب من متصرف الكرك حض الأهالي على القيام بالهجوم على القوات العربية، كما أبرق إلى الشيخ قدر المجالي يشحذ همته ويذكره بالاتفاق الذي عقده معه في الكرك في مطلع عام 1916م، ويخبره بأن القوات العسكرية من خيالة ومشاة ومدفعية وطائرات ستشترك في هذه الحملة وبين له أن معظم العشائر البدوية بقيادة الشيخ حمد بن جازي ستشارك بالهجوم على الغزاة ، وعن استجابة الشيخ قدر المجالي لبرقية قائد الفرقة الثامنة الجنرال محمد جمال باشا يقول الشيخ هايل ودعان المجالي: وقد أثرّ محمد جمال على الشيخ قدر الذي لم يعرف بعد نوايا وأهداف الثورة العربية الكبرى، كما أن متصرف لواء الكرك (تحسين بك) أثر على مشايخ الكرك عندما قال لهم: إن العشائر الحضرية والبدوية من مناطق معان والطفيلة والبلقاء تستعد للتجمع في معان ثم الزحف باتجاه (القويرة) للقضاء على الغزاة القادمين من الحجاز، وقال لهم أيضاً: يعز على السلطان أن يرى أهل الكرك في غير مواقع الدفاع عن بلدهم...وأشار (تحسين بك) إلى أن الشيخ حمد بن جازي يأمل أن يرى الشيخ قدر في معان على راس القوات الكركية... .
- التوجه إلى معان وكشف الخداع التركي:
قرر الشيخ قدر المجالي بعد التشاور مع مشايخ الكرك الاشتراك بالحملة، فاجتمع حوالي /500/ فارس في دار الحكومة وسارت هذه القوات بعد وداعها من قبل مشايخ الكرك إلى معان للالتحاق بالقوات العشائرية الأخرى وفي معان قدمت السلطات العسكرية التركية لهذه القوة بعض المؤن وعتاد البنادق، ووزعت عليهم مبلغاً من المال، ثم غادرت الحملة معان يوم 17/تموز/1917م، إلى موقع (وهيدة)، حيث التحق بها الشيخ حمد بن جازي ومعه مجموعات من فرسان الجازي(الفرع الثاني من قبيلة الحويطات)، كما التحق بها بضعة هجانة من بني صخر، وثلاثة ضباط من الأتراك لتنظيم الحركات الحربية، وتحركت القوات الشعبية والعشائرية من (الوهيدة) إلى (الغويلة) ومنها شنوا هجوماً على جماعة من البدو المناصرين للثورة قريباً من (القويرة)، وكانت هذه الجماعة البدوية مكونة من فرسان (التوايهة) جماعة الشيخ عودة أبو تايه، ودام التحام الفريقين مدة ثلاث ساعات، فقتل من (التوايهة) تسعة فرسان، وفرّ الباقون، واستولى فرسان العشائر على مواشيهم وهي تقارب ألف رأس من الغنم، كما استولوا على بعض الجمال وعلى عشرة من بيوت الشعر وما فيها من مؤن وأثاث.
لم يشترك الشيخ حمد بن جازي في هذا الهجوم لشكه بأن هؤلاء البدو ليسوا من المحاربين، بالإضافة إلى اكتشافه أن هؤلاء البدو هم من أقاربه التوايهة، وكان الخلاف لا يزال قائماً بين الجازي والتوايهة، واكتشف أيضاً اللعبة التركية التي صنعها الجنرال محمد جمال باشا، الذي دفع العشائر للاشتباك ببعضها، وإيقاع العداء من جديد بين القبائل العربية، كما أن فرسان الصخور توقفوا عن ملاحقة (التوايهة) بعد اكتشافهم الفتنة الخبيثة القائمة على المكيدة وسفك الدم العربي بأيد عربية ، وبعد فوات الأوان فطن فرسان الكرك لهذه المكيدة وبخاصة بعد أن عرفوا أن القوات التركية النظامية لم تشترك في الهجوم، كما تم الاتفاق، ولهذا قرروا العودة إلى معان ومنها إلى الكرك، حيث وضعوا الشيخ قدر المجالي وبقية مشايخ الكرك في صورة ما حدث، فأمر الشيخ قدر أن تبقى هذه القوات بكامل جاهزيتها و التحاقها بالجيش الشمالي (الجيش الفيصلي)، وعين بركات وسعود المجالي قادة لهذه القوات، والتحقت قوات الكرك بالجيش الفيصلي، وشاركت في معارك وتحرير محطة القطرانة، ومحطة الفريفرة، ووادي الحسا، وجرف الدراويش، وعنيزة، وغيرها من المعارك التي كانت بقيادة الشريف ناصر، وفي تلك الظروف وزمنها الصعب كانت الكرك بكافة عشائرها تعيش مأساة فقدان الشيخ قدر المجالي في دمشق.
- إعدام الشيخ قدر المجالي بالسم:
في أيلول /1917م، أرسل جمال باشا يدعو شيوخ شرقي الأردن للتوجه إلى دمشق لكي يحلوا ضيوفاً على الحكومة هناك، ويبدو أن الحكومة خشيت أن يقوم أهل البلاد في وجهها تعاوناً مع الثورة العربية الكبرى، ولا بد أن أنباء اتصالات الأمير فيصل مع بعض الشيوخ قد نمت إلى المسؤولين الأتراك، فأرادوا الاحتياط لذلك، وقد لبى الدعوة عدد كبير من الزعماء، وبعد أن قضوا مدة في دمشق فوجئوا باعتقال عدد منهم، كالشيخ قدر المجالي، والشيخ حتمل بن زبن، والشيخ تركي بن حيدر الزبن، والشيخ عبطان الفايز، والشيخ شهاب الفقير، وقد وجهت إلى المشايخ تهمة الاتصال بالأمير فيصل وقبول هدايا وأسلحة، ونقودً أرسلها إليهم.
يقول المؤرخ سليمان العيسى نقلاً عن مذكرات المرحوم عودة القسوس صفحة 55 مايلي: ولم تستطع الحكومة إثبات التهم، فلم تلبث أن أطلقت سراحهم، ولكن الشيخ قدر المجالي لم يلبث أن توفي، وقيل أن الأتراك دسوا له سماً في طعامه، وقيل في فنجان القهوة صباحاً.... وجاء في كتاب العمليات الحربية، القسم الثاني من الجزء الثاني صفحة 217 مايلي: وحتى مطلع تشرين الأول 1917م، كانت الأمور عادية جداً، بل لاقوا الاحترام والتقدير والضيافة من الوالي ومن حاكم سوريا جمال باشا شخصياً، وكان يتردد على مكان إقامتهم الأمير سعيد الجزائري وشخصيات أخرى شامية كانت مع الجزائري تسعى للصلح بين العرب والأتراك على قاعدة الاعتراف التركي بالاستقلال العربي، وكانت الخطة تقتضي إستمالة زعماء العشائر بأموال الألمان التي سينفقها الجنرال الألماني (فالكنهاين)، وقال جمال باشا: بأن سلامة الدولة تكمن في شراء وإسكات زعماء البلاد، والذي لا يقبل منهم (الرشوة) مصيره الموت ، وكان الشيخ قدر أول الضحايا، وأول من رفض الرشوة من زعماء ووجهاء بلاد الشام، فكيف تم قتله بالسم؟، المرافق الخاص للشيخ قدر المجالي والذي كان برفقته إلى دمشق وهو السيد (سليمان السعيد) يقول في شهادته المحفوظة في أوراق الشيخ هايل المجالي مايلي: وفي صباح ذات يوم، قدمت قهوة الصباح للشيخ قدر ولم تمض ساعات قلائل حتى أصيب بوعكة صحية أفقدته كامل قدرته على التحرك، مع آلام شديدة في بطنه، فنقل إلى المستشفى، ثم لم يلبث أن فارق الحياة، وقد أكد الدكتور الذي كان يشرف عليه أن أعراض السم كانت بادية على جسده، وهذه خطة جمال باشا لتصفية شيخ مشايخ الكرك، بعد جرأته وشجاعته مع الأتراك، وكان يقينهم أنه غير برئ من التهم وهي اتصالاته مع الأمير فيصل بن الحسين... .
أما الشهادة الأكثر وضوحاً وتفسيراً هي شهادة الشيخ تركي بن حيدر الزبن وهي المعروفة لدى كبار السن في الكرك، وكنت قد طلبت توضيحاً من الشيخ هايل المجالي حول شهادة الشيخ حيدر الزبن، فحصلت عليها خطياً..يقول الشيخ تركي:
بينما كنا في حضرة الحاكم التركي في الشام، وعدد من الشيوخ ومن ضمنهم الشيخ قدر المجالي شاهدت عسكرياً عربياً بباب قاعة الاجتماع يؤشر لي بوضع سبابة يده اليسرى على رقبته وتمريرها ويمد يده اليمنى كمن يقدم لي شراباً...وبعد قليل دخل شخص آخر يحمل القهوة العربية وفناجينها، وعندها فهمت إشارة ذلك العسكري العربي، وحاولت جهدي أن ألفت انتباه الشيخ قدر إلا أن شربه لفنجان القهوة سبق تمرير فحوى الإشارة، وعندما جاء دوري تظاهرت بشربها، حيث وضعت فنجان القهوة ما بين فتحة ثوبي وصدري بدلاً من شربها .
وبين الشيخ تركي في حديثه لمشايخ الكرك بعد عودته من دمشق ودفن الشيخ قدر في مقبرة الشيخ (رسلان) جنوب شرق دمشق معاناة الشيخ قدر لبضع ساعات بعد تناوله السم، فكان يصرخ بأعلى صوته، ويشد على بطنه، حتى أغمي عليه، وخرج من فمه السائل الأصفر، الممزوج بالقهوة، وعرف الطبيب الذي حاول إنقاذه أن السم انتشر في أحشائه، فلا أمل من إنقاذه .
وتساءل الشيخ تركي: لماذا كنت أنا والشيخ قدر هدف السفاح جمال؟؟، لم تكن تهمة الاتصالات مع الأمير فيصل هي السبب الأكبر والمهم، بل المهم والسبب الأكبر ثورة الشيخ قدر على الأتراك عام 1910م، وكنت أنا وعشيرتي من المؤيدين لها، ودعمناها بالسلاح، لذلك كنت شريكاً له في الموت لولا إرادة الله وهذا العسكري العربي أخيراً.... .
لم يكتف جمال السفاح بهذه الجريمة النكراء بحق الشيخ قدر، بل مارس أساليب الغدر بمشايخ ووجهاء لواء الكرك فأمر بإلقاء القبض على مجموعة منهم ونفاهم إلى بلاد القفقاس ولم يعودوا إلا بعد عام 1918م، ونذكر منهم: عودة القسوس، وخليل العكشة، وعبدالله العكشة، وعبدالرحمن ماضي، ومحمد عبدالجواد، وأحمد ماضي، ومطلق المفلح، وصالح البخيت وغيرهم.
وعندما علم الشاعر عبد الله العشكة بإعدام الشيخ قدر وهو في منفاه قال قصيدة من أربعين بيتاً يذكر فيها محاسن الشيخ قدر ورجولته وشجاعته ومؤهلاته القيادية من حكمة وسداد في الرأي والموقف.
- رحلة طويلة بمحطاتها الكثر قضيتها مع واحد من مشاهير شعبنا، ورمزً من رموز هذا الوطن الحبيب، وجمعت خلالها أكثر من /600/ صفحة بمساعدة أخوة كرام من أبناء الكرك ونحن في ختام رحلتنا يشرفني أن اشكر الذين تابعوا هذه الحلقات والحلقات التي قبلها، وكانت موضع تقديرهم، وتقدير الجهد الذي بذلته لتكون عبرة لمن يعتبر ومنهم دولة الأستاذ أحمد عبيدات، ودولة النائب عبدالرؤوف الروابدة، والدكتور أحمد التل، والدكتور محمد الزعبي، وشخصيات كثيرة من عشائر الكرك ومعان، والشوبك، وطلاب جامعة مؤتة، واليرموك والأردنية، وكل الشكر لأسرة جريدة اللواء صاحبة الهم الوطني والقومي والإنساني.