دليوان باشا المجالي
"ابو عناد"الرجل الذي شغل منصب رئيس بلديه الكرك فترة خمس عقود من القرن العشرين ٥٠ عاما وهو شقيق رفيفان المجالي وعم صالح المجالي وانشاء الله ستعرفونهم في لايام القادمه .
وهو شاعر موهوب وفارس مرهوب وطبيب بارع وذكى لامع وصاحب راي سديد وعزم جبار كريم النفس ولد زعيم في التصرف والسلوك قائد ورائد في المعارك والخطوب رجل مواقف جسور ومع الحق دائما عطوف على الايتام وكريم ومع الانام.
حصل على لقب باشا من الدولة العثمانية وهو ممن استقبل الملك عبدالله المؤسس ومن رجالات الدوله الذين وضعوا بصمة لاتمحى في تااريخ المملكة وهو ذو حنكة في القضاء العشائري فكان مرجعا للقضاء العشائري
لم تفقد الكرك رجلا مثل الشيخ دليوان ولم يمر يوم اسود على الكرك مثل يوم وفاة الشيخ دليوان حيث اخذ اهل الكرك ينشدون : والكرك لبست سواد ٠٠٠حزنن عالباشا ابو عناد.. كونه الشخص الذي نهض بالكرك بايصال جميع الخدمات لها باستلامه البلديه لمده ٥٠عاما مكرسا حياته لخدمة اهلها ٠
وله عدة القاب منها
ابو الكرك
فكاك النشب
ابو الشيوخ
- تمكن دليوان باشا المجالي، أن يضع بصمته الخاصة على مرحلة تاريخية مؤثرة، ليس في الكرك فقط، وإنما في الأردن من أقصاه إلى أقصاه، فلم يكن مجرد زعيم عشائري متمكن من زعامته، أو رئيساً استثنائياً لبلدية الكرك لفترة زمنية قياسية، أو وجيه حاز على لقب الباشا من الباب العالي في اسطنبول، بل كان كل ذلك وأكثر، لم تقف شخصيته عن حد ولم يشهد لعطائه مثيلاً، فكان كريماً في تواضع لافت، شهماً ومتسامحاً حتى أصبح مثالاً يعز نظيره، وقضى بين الناس بالعدل حتى غدا حجة في القضاء العشائري، يتقاطر عليه الناس من بقاع الوطن كافة، وعندما تفجرت في داخله كوامن الشعر، نظم قصائده بصدق وعذوبة، جعلته أكثر قرباً من الناس، وما يواجهونه من مصاعب وتحولات.
لم تكن الكرك التي تعد منجم رجال أعلام، عنده مكاناً محايداً، إنما كانت مكوناً أساسياً في وجدان وحياة الشيخ دليوان باشا المجالي، فهو سليل عائلة دانت لها زعامة الكرك ردحاً من الزمن، توارثوتها جيلاً بعد جيل، وقد عاصر دليوان باشا أحداثاً كبيرة، وشهد على تحولات حاسمة، فلقد ولد في رحم الإرهاصات المتعددة التي اجتاحت المنطقة العربية شرق المتوسط، وغيرت الخريطة السياسية للمنطقة التي كانت خاضعة للدولة العثمانية، حيث يذكر المستشرق بيركهارت أن الشيخ دليوان ولد عام 1884م، أي في الربع الأخير من القرن التاسع عشر، وكانت الكرك مدينة نابضة بالحركة وتعد مركزاً إدارياً مهماً، حيث وصلت في العهد العثماني إلى مرتبة متصرفية، لذا تعتبر نموذجاً فريداً عن تطور المدينة، التي احتفظت بأصالتها وإيقاعها البدوي المتجذر، ولم يحظ برعاية والده الشيخ محمد المجالي، فقد توفي والده وهو لم يتجاوز بعد الستة أشهر من عمره، لذا نشأ بين أخوته وأعمامه، الذين يربون أبناؤهم على الشجاعة والفروسية، ومجالسة الرجال الكبار والتعلم منهم بالإقتداء والتقليد، فكانت الحياة القاسية والتعود على الاعتماد على النفس منذ سن مبكرة، ومجاراة الكبار والفرسان في أخلاقهم ومسلكهم، هي المدرسة التي يتلقى في الأطفال معارفهم في الحياة.
تلقى دليوان باشا تعليمه الأولي في الكتّاب، تعلم القراءة والكتابة والحساب، وحفظ آيات من القرآن الكريم، لكنه لم يتجاوز ذلك فالمدارس لم تكن في المتناول، فتوجه نحو الحياة حاملاً نظرته الخاصة للمستقبل، وقد كانت الكرك بؤرة الحراك المجابه لسياسة تتريك العرب، وطمس هويتهم ومعاملتهم باعتبارهم مواطنون من الدرجة الثانية، يثقل كاهلهم بالضرائب ويجلب الشباب لجبهات القتال البعيدة، وعندما اندلعت ثورة الكرك (الهية) كان دليوان باشا في أول شبابه، ولاشك خاض غمارها بشكل ما، وهو في منصف عقده الثاني، وعندما قمع سامي باشا الفاروقي قائد القوات التركية الثورة ونكّل بالناس، اضطر آل المجالي وعدد من العشائر الكركية إلى مغادرتها لمدة أربع سنوات، لذلك خاض عمق الصحراء، وأتيحت له فرصة الاحتكاك بالصحراء والقبائل البدوية، تعلم كثيراً من المهارات بشكل جديد، كالقتال بالسيف والبندقية، وركوب الخيل، اكتساب خبرة معرفة الخيول وأصولها وأنسابها، حتى أصبح مع الأيام من الخبراء في هذا المجال، قادر على تصنيف الخيول وردها لبيوتها من نظرة واحدة.
كان للسنوات الأربع أثرها في صلابة عوده، وشجاعته الملحوظة، وفراسته التي لا يختلف عليها أثنين، وكان للضيف عنده مكانته الخاصة، يقيم أميراً ويغادر شاعراً، لذا ذاع صيته في كل مكان، ولجأ إليه كل صاحب حاجة، قريب كان أم بعيد، وعندما تم الصلح وعاد مع عشيرته إلى الكرك، بدأ يأخذ مكانته من خلال حب الناس له وإقبالهم عليه، فلم يخب الظن به، بل كان يفعل كل شيء ليخدمهم ويحل مشاكلهم، وقد كان فاعلاً في الحياة الاجتماعية والسياسية في الكرك ومحيطها، حيث عبر أهلها عن تقديرهم لدوره ومكانته من خلال اختيارهم له رئيساً للبلدية منذ ما قبل تأسيس أمارة شرق الأردن بثلاثة سنوات، ولقد حقق رقماً قياسياً في فترة بقائه في منصبه هذا، فقد أمضى أكثر من خمسة عقود رئيساً لبلدية الكرك، وكان يتم التجديد له كل مرة بالتزكية، حيث حقق إجماعاً فريداً من نوعه ولفترة طويلة، وقد دلل ذلك على ما تمتع به من مكانة مميزة ومحبة صادقة، ولمقدرته على تلبية متطلبات أهل الكرك.
لقد عمل من خلال منصبه في البلدية على إيصال الخدمات العصرية للكرك، من طرق وكهرباء وهاتف ومراكز صحية ومرافق عامة، حتى أصبحت الكرك من أكثر المدن المخدومة بعد العاصمة عمان، لذا حرص الناس على بقائه في منصبه، لأنه كان معروف عنه أنه يدفع من ماله الخاص لصالح مشاريع البلدية، ويوزع الخدمات بالعدل، لا يميل لعشيرة على حساب أخرى، أو يخدم حي ويغفل حي آخر، فكان استثنائياً في كل شيء، صادقاً وعادلاً في أقواله وأفعاله، وعندما قدم الأمير عبد الله إلى معان، بعد فشل الحكومات المحلية، بادر الشيخ دليوان باستقباله، وكان له دور في مرحلة التأسيس، وقد عاضد الأمير المؤسس في نهجه إجراءاته التي أسهمت في استتباب الأمن وحفظ البلاد، وقد نشأت بينه وبين الأمير عبد الله بن الحسين علاقة ود واحترام كبيرين، حيث جمعت بينهما عدد من الصفات والهوايات، فلقد قربهما الشعر نظماً وإنشاداً، وكثيراً ما دخلا في ما يشبه المناظرات الشعرية، ومارسا هواية الصيد، وقد تمكن الأمير من خلال كل ذلك من استقصاء أحوال الناس، وما يؤثر في حياتهم وأحوالهم كالموسم المطري، والزراعة وتربية المواشي، ليتمكن من تقديم العون ورسم خطط التنمية.
لقد كان لدليوان باشا مضافة كبيرة يستقبل فيها الضيوف والوفود والمراجعين من وأبناء الكرك، وكانت تسمى «مصطبة دليوان» فبالإضافة لدوره في القضاء العشائري بين الناس، وحل كثير من مشاكلهم وقضاياهم مباشرة، كانت لديه شبكة كبيرة من العلاقات المؤثرة مع المسؤولين، يتصل بهم لقضاء حوائج الناس في الشؤون الإدارية ضمن الدوائر المختلفة، لقد أوقف الشيخ دليوان حياته كلها لخدمة ناسه ووطنه، مؤكداً أن محبة الوطن تترجم بحجم قدرة أبنائه على العطاء، والحرص على القيام بالواجب وصون ثقة الناس والقائد، وكان عمره منذ طفولته تعبير حقيقي عن هذا الفهم الواعي للخدمة العامة، سواء بالمنصب المدني، أو من خلال تبؤه الزعامة العشائرية في الكرك، فكان يمزج بين الاثنين بوعي خاص، مقدماً حالة فريدة يصعب مقارنتها مع غيرها.
كان دليوان باشا متسامحاً حقيقياً، وقد أسهم في تكريس هذا الخلق النبيل بين الناس، وقد وقف في وجه سلوك الأخذ بالثأر المعروف في العرف العشائري في تلك المرحلة، وكان دائماً يقرن القول بالفعل، يكفي أن نذكر أنه عندما تعرض أبنه طلعت لحادث سير، أودى بحياته وهو شاب في الرابعة والعشرين من عمره، وعندما حان وقت الدفن، عض على جرحه وكتم ألمه، وذهب للمتصرف والشرطة، ورفض دفن أبنه حتى يتم إخلاء سبيل السائق، وأن يشارك في مراسم الدفن، وكفله بنفسه، لتسامحه وإيمانه بالقضاء والقدر، وقدم بذلك أرع صور التسامح والمحبة، وقد أسهمت أفعاله وأخلاقه في تعديل كثير من السلوكيات السيئة أو التقليل منها، وكثيراً إنثال الشعر على لسانه عذباً وليد لحظته، وقد انتشرت أشعاره في البادية وبين العشائر داخل الأردن وخارجه،
حملت فكره وخلقه، ونظرته للحياة بكل ما فيها من مفارقات ومحطات مفرحة حيناً ومحزنة حيناً آخر، فكانت قصائده كالذكر الطيب، تعبق بالمكان كرائحة الشيح والقيصوم، ولم يغب الشيخ دليوان باشا من الذاكرة الوطنية، فمازال مكللاً بالطيب والشعر والمحبة الخالصة
وتغنى به الكرك وقالت:
ويسلم دميثان وحابس..
ودليوان عالخيل فارس
مامثله بكل الشيخان
ياصالح بالقول حاكم
شقر الذوايل جدن
والكرك لبست سوادي
حزناً عالباشا ابو عنادي
مامثله بكل البدواني
لامسلم ولا نصراني
.
ظهر الشيب في مرفقيه فلاحظ شقيقه الشيخ رفيفان فسال .ما هذا اللمعان يا شقيقي
دلـــــــيوان... فاجاب دليوان شقيقه بقصيده قال فيها
يا راكب اللى لون ضبي الفريد... هي منوة اللى يغزون الاجانيب
وازن عليها شدادها يا وديدي... وكرب حبالها بططانها والمحاقيـــب
خرج العقيلى والدوريرع جديد... وعلق بقايا عقولها بدواليب
من ساس هجن ما اعلموها العبيد.. وما تسايل عن مشيى الضحا باللهيب
يا راكبه هاته على ما تريد...هي منوة اللي يطلبون المطاليب
ملفاك شيخا كاسبا للحميد... عشيرضيفه زايدا بالتراحيب
له منسفه بقلطة وريد... ومكوم لضيوفها والمعازيب
يعطي العطايا صادقا بالمواعيد... يا شبل حرا ماضينا بالتجاريب
شيخا بالكون حربه شديد... يوم الوغا فكاك زمل الرعابيب
ارفيفان للشيخان قرما عنيد... يوم الوغى فكاك زمل الرعابيب
له بندق بالكون رميا صويب... صويبها كثر عليه النواديب
اعلمك يا شيخ بهرج وكيد.. يا الصقر يا القرناس يا خلفه الديب
من شيخة الاوباش ولد الزهيد... تالي زماني لحيتي شيب
دعنا نجازيهم بضرب الحديد.. ونطلب على بعض القبائل تصاليب
فخوان خضرا حربهم له وقيد..يا ما دعوا بعض العشاير تخاريب
اليا سمعو حس الوعي والرجيد... وعاداتهم يروا السيوف تخاريب
وختمت قولي وهرجتى بالنشيد.. بالواحد الماجود يا علم الغيب..